كلمة العميد
بسم الله الرحمن الرحيم
كلية الطب جامعة بابل...بناء يعانق عنان السماء في رفعته، ويحمل الوفاء بين جدرانه، وفروعه أغصان يافعة يستظل بظلها طالبو العلم والتميز، فيلتحم الفكر والروح في عشق المكان، الذي يسكن فينا، ونكاد نمسك خيوط الشمس حينما نتحدث عنه، ونستشعر وجودنا في هذه الكلية التي تعبق برائحة الألفة والانتماء، هكذا هي طب بابل.
وإذا كانت مرافئ الحياة كثيرة، ومحطاتها متنوعة فلا أجمل من أن نقف في محراب العلم لتتحدث عن ينبوع من ينابيعه الصافية الذي انبثق قبل عقدين من الزمن ، حيث جاءت فكرة إنشاء طب بابل، وتُرجمت تلك الفكرة عملا، وتطبيقا على أرض الواقع في مدينة الحلة، فأنشئت عام 1993م؛ لتكون أيقونة علم تسعى لإيجاد نخب ثقافية، فهي منذ إنشائها ترفد الوطن برجالات أسهموا في بنائه، فكانت وما زالت شعلة تتوهج في سماء الوطن، وفي خطوات متلاحقة متتابعة مدروسة سعى القائمون على الكلية إلى تطويرها أكاديميا ضمن منظومة التعليم العالي، فتحقق التوازن بين المظهر والجوهر فأضحت بناء يعانق السماء رفعة ومجدا.
لقد تميزت طب بابل بسمعة طيبة لاهتمامها بالطالب، ومتابعته، فالعمل والإخلاص ديدن العاملين فيها، لأنهم يؤمنون أن محور العملية التعليمية هو الطالب فلم يدخروا جهدا في دفع الطلبة نحو التميز، والاقتدار لبناء جيل يحمل على عاتقه مستقبل الأمة، ولهذا نأمل أن يكونوا نجوما لامعة في سماء الوطن، وأن يحافظوا على القيم، والمبادئ التي تشربوها، وأن يعكسوا صورة الكلية التي ما بخلت عليهم يوما، ليصبحوا نبتة راسخة في تربة الطب والثقافة والمعرفة.
قد دأبت طب بابل على العملَ الجادَ للحصول على مكانةٍ مرموقةٍ، وسمعةٍ رفيعة، لتكون الأكثرَ تميزا، والأكثرَ إبداعا في مجالاتِ البحثِ العلمي والتعليمِ و الإدارةِ و الخدمات، وذلك من خلال توفيرِ بيئةٍ ملائمةٍ للطلبة؛ بيئةٍ أكاديمية هدفها رعاية الإبداع، والتميزِ والابتكارِ في كل المجالات، وذلك بالدعم الموصول ماديا ومعنويا، وبسعي العمادة نحو التميزِ والجودةِ والمكانةِ المرموقة على مدار عَقدين من الزمن، فإنها ستبقى مشعلَ ضياءٍ للمجتمع، وقائدةً للتغيير، وعنواناً للتقدم، تلك هي طب بابل التي بدأت مسيرتها ، وأصبحت في غضون اربعة وعشرين عاما يشار إليها بالبنان، فقد خاضت تجربة ريادية في التطور والتقدم، فكانت مثار إعجاب.
إن الكلية ومنذ تأسيسها حافظت على المكانة الرفيعة التي تبوأتها فاستضافت مؤتمرات عدة في موضوعات علمية بمشاركة نخبة من العلماء من مختلف البلدان، إضافة إلى الأيام العلمية السنوية لكل فرع على حدة، والمعارض المتعددة التي تنجزها الكلية ليست حدثا طارئا بل أصبحت من ركائزها الفعلية؛ مما أضفى حراكا وحيوية إلى المشهد الثقافي، والتعليمي فيها.
ولما كان لطب بابل دور تؤديه للارتقاء بمنظومة التعليم، وتمكين الطلاب الدارسين من امتلاك أدوات التفكير المنهجي، وتنمية ملكة النقد والتحليل العلمي، كان لا بدّ من الاهتمام بأداة العلم ومفتاحه، وهو الكتاب، من هنا فقد اعتنت الكلية بالمكتبة فأصبحت تضاهي مكتبات الجامعات كلها، وغدت الكلية بيئة تعليمية تتسم برحابة الأفق المعرفي بما تقدمه للطلبة من تواصل عبر الأنظمة الإلكترونية الحديثة، فتحفزهم على التفكير السليم، وتعزز لديهم روح المسؤولية، وحب المعرفة والبحث العلمي.
وعلى الرغم من حداثة تاريخ التعليم الطبي في العراق مقارنة بالدول العالمية، إلا أن التوسع والنمو في حجم التعليم بشكل فاق كل التوقعات. فقد استطاعت طب بابل أن تحقق قفزات، وإنجازات واضحة في مجال التعليم العالي في فترة زمنية قصيرة نسبيا، وتميزت السنوات الأخيرة بالنمو والتطور الأكثر وضوحاً وبروزاً عما قبلها. ونستطيع القول بما لا يدع مجالاً للشك إن هذه السنين الاربعة والعشرين التي مرت منذ إنشاء الكلية، تركت بصمة واضحة في مسيرة التعليم الجامعي. فقد خرّجت عبر تاريخها أجيالا من مختلف الاختصاصات في العلوم الإنسانية والعلمية، وقد شغل كثير منهم ومازالوا مواقع متقدمة في العمل السياسي، والاقتصادي، والثقافي داخل الوطن وخارجه، فإن هذه الإنجازات تضعنا أمام تحديات كثيرة لنواصل هذه النشاطات بعزم وإصرار، ونبحث عن سبل جديدة لمواصلة العطاء. هذه هي كلية الطب جامعة بابل.
أ.د مهند عباس نوري الشلاه
عمـيد كلية الطب